قراءة في المشهد السياسي السوري – أب 2025

زيارة الوزير الشيباني إلى موسكو( التوقيت والأهمية )
جاءت الإحاطة الشاملة للمبعوث الاممي الى سوريا غير بدرسون أمام مجلس الأمن الدولي في 28 تموز المنصرم على أعقاب موجة العنف الطائفي والضحايا المدنيين في السويداء، تضمنت العديد من النقاط التي أدانت سلطات دمشق، سيما سلسلة الانتهاكات الفظيعة التي طالت أبناء الساحل السوري، وعملية تفجير الكنيسة في باب توما بدمشق، وكذلك أحداث حي جرمانا واشرفية صحنايا، وأشار ببدرسون بكل وضوح إلى أن هناك حاجة ماسة لتصحيح مسار الاحداث في سوريا، وذلك على صعيد الأمن والانتقال السياسي، ما وضع سلطات دمشق أمام سيل من التهم المباشرة، نتج عنها شعور بالغ بالقلق والخوف من تحرك أممي في مجلس الأمن، بما في ذلك الدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة بالانتهاكات والجرائم التي حدثت في سوريا خلال تلك المرحلة، كون النظام كان متورطاً حتى العظم في تلك الأحداث، لهذا سارع الشيباني في القيام بهذه الزيارة تلبية لدعوة قديمة تجاهلها النظام في حينها، أما بخصوص دواعي الزيارة فثمة أسباب ودواعي سياسية ستبقى محجوبة عن العامة ضمن المدى المنظور، لكن وتيرة الأحداث والمعطيات قد رفعت الغطاء عن بعضها الأخرى، حيث شعر النظام بفراغ سياسي بعد فشل زيارة باريس، وأن الملف السوري سيتم ترحيله إلى مجلس الأمن، وسيكون النظام بحاجة إلى دعم موقف كل من روسيا والصين في مجلس الأمن، إلى جانب ذلك دعوة روسيا للتوسط بين تركيا واسرائيل، والتخفيف من حدة صراعهما على النفوذ في سوريا. .
يضاف إلى ذلك أن زيارة الوزير الشيباني الى موسكو جاء بعد زيارة مماثلة له إلى العاصمة الاذرية باكو، وقد أشارت الوقائع إلى أن رأس الدبلوماسية السورية أسعد الشيباني قد أصيب بخيبة أمل بالقياس إلى ما نتج من هذه الزيارة، حيث فاجأه الروس بالمطالبة بديونها و البالغة 32 مليار دولار، والمطالبة أيضاً بعقود النفط والفوسفات، الى جانب المطالبة بتحويل قواعدها العسكرية في سوريا الى قواعد عسكرية وأمنية على غرار القواعد البريطانية في قبرص، والقواعد العسكرية الأمريكية في بلدان الخليج العربي، كما تضمنت قائمة المطالب الروسية تعديل الدستور المؤقت، وصيانة حقوق المكونات.
في سياق مماثل تشير الوقائع الى أن روسيا تحاول استعادة دورها في سوريا، وهذا قد يشجع مسألة تقسيم سوريا، وهو خيار غيرمحسوم، وغير محبذ لدى بعض أوساط الإدارة الأمريكية، مما قد يدفع الجناح المتشدد في الحزب الجمهوري لمنح تركيا دوراً وازناً فيما يخص الملف السوري على حساب الدور الإسرائيلي، فثمة محوران رئيسيان ما زالا يتنافسان جيوسياسياً على مناطق للنفوذ في سوريا، حيث يمثل المحور الأول إسرائيل، مقابل المحور التركي، وسط تراجع وتردد الدور الأمريكي في دعم نظام أحمد الشرع بعد الأحداث التي جرت في السويداء في 12 من شهر تموز الماضي.
وزير الخارجية التركي حقان فيدان في دمشق للمرة الثالثة:
أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال الزيارة الثالثة له إلى دمشق يوم الخميس الفائت، أن الدولتين الجارتين ترغبان في تعميق علاقاتهما، مشيداً بجهود سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأول الماضي.
وقد عززت تركيا علاقاتها مع سلطات دمشق التي تسعى لجذب الاستثمارات من اجل إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة في البلاد جراء السنوات الطويلة من الحرب الأهلية، ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية فقد إجتمع فيدان بالرئيس السوري أحمد الشرع وبحثا معاً العديد من الملفات الهامة مثل التجارة والاستثمار والنقل والطاقة، وقد جاءت هذه الزيارة في توقيت تتهم فيه تركيا قيادة قسد بالمماطلة في تنفيذ اتفاقية العاشر من آذار المنصرم الموقعة بين الشرع ومظلوم عبدي بشأن الاندماج في مؤسسات الدولة، بما في ذلك تحريض سلطات دمشق في الضغط على قوات سوريا الديموقراطية، ولو ادى ذلك الى مواجهة عسكرية على الأرض، ومن اللافت أن تركيا منغمسة في مجمل مفاصل الدولة السورية، وساهمت إلى حد بعيد في فشل اللقاء بين الشيباني وعبدي بوساطة أمريكية في باريس، وستقف عثرة أمام لقاءات من هذا القبيل سعياً منها لإضعاف موقف قسد ومنع تدويل المطلب الكردي.
بالمقابل شهدت مدينة الحسكة في الثامن من شهر آب الجاري وقائع مؤتمر توحيد موقف المكونات في شمال شرق سوريا التي دعت اليها قوات سوريا الديمقراطية، حضرها حوالي 400 شخصية وطنية سورية، وقد أفاد مصدر في الحكومة السورية بعد مرور يوم واحد على وقائع المؤتمر إن دمشق لن تشارك في اجتماعات باريس المقررة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، على خلفية عقد هذا المؤتمر الذي ضم شخصيات دينية من السويداء والساحل السوري.
وأشار المصدر إلى أن الحكومة السورية لن تتفاوض مع أي طرف يسعى لإعادة النظام البائد تحت أي غطاء أو مسمى. ودعا المصدر في ذات الوقت الوسطاء الدوليين لنقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين، وفق تعبيره.
وكان من أهم مخرجات المؤتمر ” ضرورة ترسيخ التعدد القومي والديني والثقافي في البنى السياسية – اعتماد دستور ديمقراطي يضمن لامركزية الحكم والمشاركة الفعلية لجميع مكونات المجتمع السوري – الدعوة إلى عقد مؤتمر سوري شامل – إطلاق مسار للعدالة الانتقالية يضمن عودة آمنة وكريمة للمهجرين.
على العموم يمكن اعتبار ما تمر بها سوريا من أزمات داخلية متفاقمة قد تهدد أمن البلاد واستقرارها، حيث تتعرض فئات متعددة من المجتمع السوري، ممن لا ينسجمون مع بنية النظام الى التهميش أو الإستهداف، وهذا يفسح المجال امام تلك الفئات للتعبير عن مخاوفها بطرق وأساليب متعددة، وربما تأتي فعاليات هذا المؤتمر الذي مثل مكونات شمال شرق سوريا بشكل أو بأخرتعبيراً في هذا السياق، وقد يكون ذلك مقدمة لمؤتمر وطني سوري شامل يتم الدعوة إليه بدعم وقبول إقليمي ودولي لاحقاً.
وإذا تم اعتبار اتفاق العاشر من آذار مدخلاً قانونياً يمكن البناء عليه خصوصاً في سياق دمج قسد ضمن الدولة السورية، فمن الضروري مناقشة تفاصيل محددة أخرى ترتبط بالحكم المحلي، وإدارة الموارد، وتمثيل الكرد في المؤسسات الوطنية بما في ذلك الحكومة والبرلمان، إلى جانب قضايا تتعلق بالتعليم واللغة وغيرها من القضايا المطروحة.
في 11/8/2025
حركة أزادي الكردستاني في سوريا
الهيئة التنفيذية

