أخبار الحركةبيانات و توضيحات

بيان بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لانتفاضة 12 آذار 2004 في كُردستان سوريا

آذار، شهر كُردستاني وسوري بامتياز، يحيي فيه شعبنا مناسباته المختلفة من أفراح و أحزان. إنه شهر الانتفاضات والثورات، شهر ميلاد رموزنا القومية ورحيلهم ، الشهر الذي انتفض فيه الشعب الكُردي في جزئي كُردستان الغربي والجنوبي ضد البعث ونظاميه القاتلين المخلوعين، شهر قيام السوريين بثورتهم، ثورة الحرية والكرامة، شهر الانتفاضة الشعبية الكُردية السورية التي انطلقت من مدينة قامشلي يوم 12 آذار 2004، على خلفية المشاحنات التي حصلت بمناسبة مباراة لكرة القدم بين نادي الجهاد الذي غالبية مشجعيه من الكُرد، ونادي الفتوة الذي مشجعوه من دير الزور وأريافها، حيث كان توقيت المباراة في الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام البعث الصدّامي في العراق، وفي ذاكرة الكُرد عامة كانت صور ضحايا القصف الكيميائي لمدينة “حلبجة” وغيرها من البلدات والقرى والقصبات الكُردية التي تعرضت للإبادة على يد الجيش العراقي، وفي إطار ما سميت بعمليات الأنفال التي راح ضحيتها أكثر من 180 ألف شهيد، حيث استغلت الأجهزة الأمنية لنظام البعث السوري هذه الأجواء المشحونة، وقامت بتجهيز قطعان شبيحته وعملاءه من دير الزور وأريافها، وتأمين وسائط نقلهم إلى قامشلي بحجة أن هؤلاء هم جمهور ومشجعو نادي الفتوة الديري، وزودت الشبيحة بالحجارة والهراوات والأدوات الحادة واللافتات التي كتبت عليها الشعارات المستفزة، ووجّهتهم بترديد الشعارات العنصرية المسيئة لزعماء الكُرد ورموزهم القومية، الأمر الذي ولّد ردّة فعل لدى الشباب الكُردي، الذي قام بترديد شعارات ضد نظام البعث المخلوع في العراق. وكان يمكن لتلك الأحداث أن تمرّ بسلام كما تحصل كثيرا في ملاعب كرة القدم في أنحاء العالم لولا تدخل مخابرات النظام التي سارعت فوراً إلى استخدام الرصاص الحيّ، وأرادت أن تعيد دروس مجزرة حماه مع الشعب الكُردي هذه المرة، حيث انتشرت وتوسعت رقعة الاحتجاجات الشعبية الكُردية لتشمل كافة مناطق كُردستان سوريا وكذلك أماكن التواجد الكُردي في المدن الكبرى مثل حلب ودمشق، واستشهد العشرات من أبناء شعبنا الكُردي، إضافة إلى عشرات الجرحى، ومئات الملاحقين، وأكثر من ثلاثة آلاف معتقل.
من جانب آخر كانت هذه الانتفاضة بمثابة جرس إنذار مبكر، حيث كانت الاختبار الأول لبشار الأسد الذي ورث الحكم عن والده، فتوجّست سلطات الاستبداد في سوريا من إمكانية استثمار تلك الانتفاضة من جانب القوى الدولية المهيمنة على العراق، وبالتالي تحويل الاحتجاجات إلى أداة ضغط على نظام البعث الأسدي، لوقف لعبة النظام في إرسال المجاهدين إلى العراق عبر الحدود السورية، فلجأ النظام وعبر أجهزته الأمنية إلى ممارسة شتى أشكال القهر والقمع والتضييق والسجن والقتل بحق الشعب الكُردي. وجدير ذكره هنا أن المعارضة السورية كانت مواقفها مخزية، إذ لم تقف إلى جانب شعبنا في تلك المظاهرات، باستثناء مواقف فردية من بعض المناضلين .

ومن الأهمية بمكان التذكير بأن التعامل الوحشي مع انتفاضة شعبنا الكُردي لم يأتِ من فراغ، ولم يكن الحلقة الأولى في مسلسل القمع والتمييز العنصري الرسمي الذي مارسه البعث تجاه الكُرد في سوريا طوال حقبته، فقد سبقه الإحصاء الاستثنائي لعام 1962، الذي جُرِّدَ بموجبه نحو 200 ألف مواطن كُردي من الجنسية، و تم تسجيلهم في القيود بصفة “أجنبي” كما نجم عنه 80 ألفاً آخرين من المكتومين كما تم تعريب أسماء القرى والبلدات الكُردية، وحظر تسجيل الولادات بأسماءها الكُردية الأصيلة، ومنع تسجيل العقارات باسم الكُرد وخاصة في الريف الشمالي لمحافظة الرقة مثل تل أبيض وعين عيسى وغيرها، وعشرات القوانين والقرارات والتعاميم الأمنية التمييزية الظالمة، ومشروع الحزام العنصري الذي نفذه نظام البعث في كُردستان سوريا بطول أكثر من 400 كم وعمق يترواح بين 10 – 15 كلم، على طول الحدود السورية التركية، وترحيل أكثر من 120 ألف مواطن كُردي من نحو 400 قرية، وتوطين العرب “المغمورين” محلّهم بعد بناء قرى نموذجية لهم.

وعندما نستذكر انتفاضة 12 آذار فإننا نتذكر جيدا أهمية وحدة الصف والموقف الكُردي في تلك الانتفاضة. ونظرا لأهمية المرحلة التي تمر بها سوريا، والتحديات المصيرية التي تواجه القضية الكُردية، فإننا نرى أنه يجب العمل على عقد مؤتمر وطني كُردي سوري جامع لكافة الأطر والأحزاب والفعاليات المجتمعية، تنبثق عنه مرجعية كُردية سورية جامعة ومالكة لقرارها السياسي، وتشكيل وفد كُردي مشترك، وصياغة رؤية كُردية سياسية واضحة حول مستقبل سوريا وشكلها وطبيعة نظام حكمها، ووجود وحقوق شعبنا وبقية المكونات.

نحن نقف أمام ذكرى الانتفاضة كحدث تاريخي في مسار مقارعة الاستبداد، تلك الخطوة التي كسرت حاجز الخوف من جبروت النظام، وأجهزته القمعية، وإن الحديث عن هذا الحدث الكبير في هذا العام له دلالة مختلفة، لأنها المرة الأولى بعد سقوط البعث ونظامه البائد، هذا السقوط الذي انتظره السوريون طويلاً، واليوم أمامهم فرصة حقيقية خاصة بعد الاتفاق المبدئي الذي وقعه السيدان أحمد الشرع الرئيس الانتقالي لسوريا ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديموقراطية، للانطلاق من جديد، والتأكيد على قيم الأخوّة والعيش المشترك التي تجمع بين كل تلك المكونات. وبهذه المناسبة نتمنى على النخب الوطنية الواعية العمل معا من أجل طيّ حقبة البعث، ومعالجة آثار تلك المشاريع العنصرية، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وتعويض المتضررين منها، وإطلاق حوار وطني سوري حقيقي بين ممثلي مختلف المكونات، لصياغة عقد اجتماعي توافقي يؤسس لإعادة إنتاج جمهورية سوريا الاتحادية الجديدة، بنظام ديمقراطي تعددي على مسافة واحدة من جميع المكونات.

عاشت انتفاضة آذار المجيدة
المجد والخلود لشهداء شعبنا

في 11 آذار 2025

الهيئة التنفيذية
لحركة آزادي الكُردستاني في سوريا

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى