الماراثون الكردي – من سيصل إلى دمشق أولاً

علي مسلم
في سياق البحث عن مخارج سياسية لائقة، سيما في زمن التحولات السياسية العميقة التي يتحدد بموجبها مصير الأمم والشعوب والأوطان، ثمة آليات علمية قانونية محددة يمكن الاحتكام إليها، وغالباً ما تكون النتائج غير مرضية، وربما تكون تبعاتها عكسية حينما تكون هذه الآليات ارتجالية وغير مدروسة، سواء كان منطلقها فرداً أو مجموعة محددة من الأفراد، لهذا لا بد من البحث عن الآليات الأكثر نجاعة، وذلك عبر إشراك أوسع قطاعات المجتمع للوصول إلى الحلول المرجوة، ولا أعتقد أن يكون ثمة أسلوب بديل لذلك، فدائماً وأبداً تتحدد مصير هذه التحولات مهما كان حجمها وتأثيرها عبر استنطاق الرأي العام ديموقراطياً وذلك ضمن البيئات الجمعية السائدة.
ولأن المجتمع الكردي في سوريا أخفق حتى الأن في تكوين رأي عام مؤثر وفاعل خلال الفترات التاريخية الماضية، فمن الجائز في حالة كهذه اللجوء إلى البنى الإجتماعية والتنظيمية القائمة بغض النظر عن هوية هذه التنظيمات سواء كانت تنظيمات سياسية أو نقابية، أو منظمات تعنى بالشأن المدني أو الشأن العام الإجتماعي.
وعلى إعتبار أن الوضع السوري برمته أمام تحولات سياسية جديدة، تؤسس لإقامة جمهورية سورية تستند إلى قيم العدالة والحرية والديمقراطية، وأن كل التكوينات السورية معنية بشكل أو بأخر بهذه التحولات، بما في ذلك الكرد وغيرهم، لهذا ينبغي البحث كردياً عن سبل وآليات من شأنها تعزيز الحضور الكردي في قلب هذه التحولات، والتشارك مع الآخرين بنفس القدر في صياغة مستقبل البلاد وذلك ضمن السويات السياسية الممكنة، والبحث معاً عن مخارج قانونية وديمقراطية تقود بالضرورة إلى رسم ملامح الدولة، بما في ذلك شكل الحكم ونظامه، والانتقال تالياً إلى صياغة دستور جديد يضمن مستقبل الجميع في دولة مدنية ديمقراطية تعددية.
وبناءً على ما يجري من تدافع نحو مراكز القرار في دمشق سواء في السر أو العلن، سيما بعد تعيين أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية، ومن ثم الإعلان الرسمي عن شخوص اللجنة التحضيرية المكلفة بترتيبات الدعوة إلى مؤتمر للحوار الوطني، وبغض النظر عن الخلفيات السياسية لشخوص هذه اللجنة وانتماءاتهم، ينبغي أن نشير بكل ثقة وصراحة ووضوح، إلى أن أي محاولة للتدافع نحو دمشق وتحت أية حجة أو مسمى، دون اللجوء إلى محددات الإجماع الكردي ستكون محاولة يائسة، لإعتبارات عديدة أولها أن هذه المحاولات لا تمتلك شرعية التمثيل طالما أنها لم تستند الى ما هو صادر عن المؤسسات الإجتماعية أو السياسية القائمة، ثانيها أن اية فئة أو مجموعة مهما علا شأنها لا يمكنها أن تكتسب صفة التمثيل، لهذا ينبغي تركيز الجهود، والدعوة إلى مؤتمر للحوار الكردي الشامل، بغية تأطير المطلب السياسي الكردي، والذهاب في وفد يمتلك مشروعية التمثيل الكامل، والتواصل والعمل مع باقي المكونات الوطنية السورية وفق الصلاحيات الممنوحة، ومن المفيد الإشارة إلى أننا لسنا بصدد ماراثون يحدد أسبقية الوصول إلى دمشق.