آراء و ومقالات

ماذا يحمل اردوغان في جعبته الى بغداد؟

علي مسلم

يتوجه الرئيس التركي رجب طيب ارودوغان الى بغداد الاثنين القادم، بعد قطيعة دامت أكثر من 13 عاماً، وستكون هذه الزيارة الأكثر اهمية لتركيا حسب العديد من المحللين المهتمين بهذا الملف، حيث سيجري توقيع اتفاقية إطارية استراتيجية جرى العمل عليها خلال الأشهر الأخيرة ستتناول الجوانب الأمنية والاقتصادية والتنموية وإحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة.

.           ومن المقرر أن يُتم حسَم العديد من الملفات العالقة خلال هذه الزيارة، أبرزها ملف حزب العمال الكردستاني وملف مياه دجلة والفرات، الى جانب ملف تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي، بالإضافة الى ملف مشروع «طريق التنمية»، الذي أعلن العراق إطلاقه العام الماضي، ويتكون من طريق لشاحنات نقل البضائع وسكك حديدية لنقل السلع والمسافرين، ويبدأ من ميناء الفاو الكبير في أقصى جنوب العراق، ويمر بـحوالي عشر محافظات عراقية، وصولاً إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا.

ومن غير المتوقع ان يتم الاتفاق على مجمل الملفات العالقة بين الطرفين، حيث أشار أحد المسؤولين العراقيين في هذا السياق أن “زيارة أردوغان تهدف إلى إيجاد حلول حقيقية بشأن ملف المياه، ، وكذلك ملف تصدير النفط عبر ميناء جيهان، إضافة إلى إمكانية عقد اتفاق أمني مع الحكومة العراقية يتعلق بضبط الحدود، للحدّ من تحركات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، الذي تعتبره أنقرة تهديداً كبيراً وخطيراً لأمنها القومي” فبخصوص ملف المياه تطالب بغداد بزيادة الكميات المتدفقة في حين تزعم انقرة بأن بغداد تسيء التصرف بكمية المياه المتدفقة عبر اعتمادها أساليب ري كلاسيكية.

اما بشأن ملف تصدير نفط إقليم كردستان المتوقف بعد قيام تركيا بتعليق الصادرات منذ اذار 2023 في أعقاب قرار تحكيم أصدرته غرفة التجارة الدولية والتي الزمت تركيا بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار نظير الأضرار التي لحقت بها بسبب تصدير حكومة إقليم كردستان النفط دون إذن من الحكومة في بغداد بين عامي 2014 و 2018 ، وبسبب ذلك دخلت حكومتا بغداد وأربيل في مفاوضات ماراثونية بهدف الوصول إلى ترتيب جديد يسمح باستئناف تصدير نفط الإقليم بإشراف الحكومة العراقية، الا إنّ الموقف التركي لم يُظهِر أي استعجال بهذا الشأن، وجرى توظيف كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا ذريعةً من الجانب التركي لتأخير استئناف تصدير النفط. في محاولة منها لابتزاز إقليم كردستان والعراق في أن معاً نتيجة حاجة الطرفين لاستئناف تصدير النفط، وهو ما ترجمته المطالب التي حملها وزير الطاقة التركي إلى العراق. ومع أن تركيا تخسر ما يُقدَّر بمليار دولار سنوياً بسبب توقف تصدير النفط العراقي عبر أراضيها، فإنّ بعض التقديرات تذهب إلى أنّ العراق يتكبد خسارة تقدر بـ 33 مليون دولار يومياً بسبب هذا التوقُّف. وكان العراق يصدر حوالي 400-500 ألف برميل يومياً عبر تركيا، تبلغ حصة نفط كردستان منها حوالي 350 ألف برميل.

أما ملف حزب العمال الكردستاني فمن غير المتوقع ان يرتقي الى مستوى المعالجة الناجعة حيث طالب وزير الخارجية التركي حكان فيدان من الحكومة العراقية بتصنيف هذا الحزب رسمياً كمنظمة إرهابية في زيارته الأخيرة لبغداد، إلّا أنّ حكومة السوداني ستتردد في اتخاذ هذا الموقف سريعاً، لأنها، أولاً، تخشى أن يعطي ذلك غطاءً رسمياً للنشاطات العسكرية التركية في الأراضي العراقية فيما لو رفض، ثانيا، للمعارضة المحتملة لهذا الأمر من قبل طهران وحلفائها العراقيين الذين تربطهم علاقات تعاون وتنسيق مع هذا الحزب؛ وثالثاً، وحتى في حال تمكَّنت حكومة السوداني من تجاوز اعتراضات بعض الحلفاء، فإنّها من غير الوارد أن تُعطي هدية مجانية لأنقرة دون الحصول على ثمن مناسب لهذا الموقف. على العموم يمكن وصف العلاقات الثنائية بين البلدين بلعبة شد الحبال، في الوقت الذي يعي الطرفين ما له وما عليه من التزامات حيال مستقبل هذه العلاقات، في ذات الوقت يعي الطرفان ما يترتب على ذلك من خسائر في حال وصل الطرفان الى طرق مسدودة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي للكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للحركة.
علي مسلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى