بلاغ صادر عن اجتماع الهيئة القيادية لحركة البناء الديمقراطي الكردستاني – سوريا

عقدت الهيئة القيادية لحركتنا سلسلة اجتماعات في النصف الأول من شهر آذار الجاري 2024، وتضمن جدول أعمال الاجتماعات العديد من المواضيع والقضايا الراهنة والمتعلقة بنضال حركتنا من سياسية وتنظيمية وإعلامية … إلخ.
ففي الجانب السياسي توقف المجتمعون على الأوضاع التي تمرّ بها المنطقة عامةً وبلدنا بصورةٍ خاصة، وتداعيات الحرب في غزة على مختلف الملفات وخاصةً الأزمة السورية، ودور تلك الحرب في تحريك الملفات كون غالبيتها متداخلة نظراً لوجود نفس الأطراف فيها. ورأى المجتمعون أن الصراعات على المنطقة ستزداد حدةً وقوةً واتساعاً، وأن المنطقة ستشهد بروز منظومات أمنية جديدة على أنقاض تلك التي كانت تتحكم بها طوال عقود، وأنها أمام تغيّرات حتمية ستطال الكثير من المفاهيم الفكرية والايديولوجية، وبالتالي فإن نخبنا مطالبة بالتخلّص من ثقافة الإقصاء، والخروج من لبوس التطرف بأشكاله المختلفة، وضرورة التمييز بين الخصوم والأعداء وإعادة تعريف كل تلك المفردات وفق منطق عصري، من خلال تغليب المشتركات، والتأسيس لبنى جديدة ومختلفة، ودفع الامور نحو الاستقرار والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة وشعوبها. وقيّم المجتمعون إيجاباً التحولات التي تشهدها بعض دول المنطقة وخاصةً المملكة العربية السعودية والتي ستؤدي إلى تحوّلات كبيرة في الوعي المجتمعي من شأنها أن تقطع الطريق على موجات التطرف التي تجتاح المنطقة. ورأى المجتمعون أن التحدي الأبرز أمام شعوب المنطقة ودولها هو الصراع مع نظام الملالي في إيران ومشروعه التوسعي وأذرعه وميليشياته الطائفية، وأن المنطقة بعد حرب غزة ستكون مختلفة عن ما قبلها.
ونظراً لقرب الذكرى السنوية لانطلاقة الاحتجاجات الشعبية في بلدنا والتي تكمل عامها الثالث عشر، أكد المجتمعون على حق الشعب السوري في التخلص من الاستبداد وإقامة البديل الوطني الديمقراطي المعبّر عن وجود وحقوق كافة مكونات الشعب السوري وإعادة إنتاج سوريا الجديدة، وأن الفدرالية هي الحل الواقعي لإنهاء مأساة شعبنا وإخراج سوريا من دوامة العنف والإرهاب والحفاظ على وحدتها. كما عبر المجتمعون عن أسفهم لما تشهدها سوريا من حالة انقسام على مختلف المستويات، وتحولها إلى مناطق نفوذ للمتدخلين فيها، ومرتعاً للميليشيات المذهبية والمتطرفين من شتى أصقاع الأرض، وتخاذل المجتمع الدولي والمتحكمين في قراره وعدم جديتهم في ممارسة الضغوط اللازمة على نظام البعث الذي يرفض حتى اللحظة أي حل سياسي واقعي للأزمة. وأكد المجتمعون بأن المعارضات السورية بمختلف منصاتها قد فشلت تماماً في التعبير عن طموحات الشعب السوري الذي خرج إلى الميادين والساحات أملاً في التخلص من الاستبداد وإقامة دولة الحق والحريات، وأنها فقدت تماماً ثقة الشارع السوري نتيجة توزعها على الجهات المانحة للمال السياسي، وافتقارها لرؤية واقعية لمشروع وطني سوري تغييري جامع ومختلف عن مشروعي البعث الشوفيني والأسلمة السياسية المتطرفة، وتحولها إلى أداة بيد الدول المتدخلة في الشأن السوري، وفقدانها للقرار الوطني السوري المستقل.
وتوقف المجتمعون على الانتهاكات الفظيعة التي تشهدها الساحة السورية عموماً ومناطق كُردستان سوريا على وجه الخصوص، وبغضّ النظر عن توزّعها بين مناطق نفوذ كل من التحالف الدولي وتركيا والنظام، وأكدوا على أن الحماية الدولية لتلك المناطق وخروج جميع العناصر الأجنبية والميليشيات المنفلتة منها سيشكل الضمان الأنسب لشعور السكان بالأمان ومنع التغيير الديمغرافي وإفساح المجال أمام سكانها الأصليين للتأسيس لحوكمة رشيدة توفّر لهم الخدمات الإدارية والأمنية والحياتية المختلفة.
وطالب المجتمعون من النخب الوطنية السورية على اختلاف مواقعها وتوجهاتها بضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا واللقاء والالتقاء خارج تلك المنصات التي لم تنتج سوى الفشل، والعمل على تبني رؤية وطنية سورية جامعة أساسها الشراكة والتوافق على خارطة طريق واقعية لخلاص السوريين وإخراجهم من بين مخالب أمراء الحرب ومافياتها، وضرورة إعادة تعريف طبيعة الصراع وتصويب وجهته الذي هو صراع بين الشعب السوري بمختلف شرائحه ومكوناته من جهة و بين نظام البعث وحلفائه من جهة ثانية، ووضع حد نهائي للسلاح المنفلت والميليشيات المتقاتلة على ثروات سوريا وممتلكات شعبها.
كما توقف المجتمعون مطولاً أمام المشهد الكوردي السوري والأزمة التي تعصف بحراكه الحزبي الذي يعاني من التشتت والجمود والدوران داخل الأقفاص الكلاسيكية والبقاء خارج مساحة الفعل، ولا يمتلك رؤية واقعية جامعة للخروج من هذه الحالة المزرية، ولا يزال حزب الاتحاد الديمقراطي pyd لوحده متحكماً بمفاصل المجتمع وفشل في تشكيل منظومة حوكمة رشيدة قائمة على أساس الشراكة الحقيقية وإخراج ما تبقى من مناطق كوردستان سوريا من دائرة الصراعات الاقليمية الغير سورية الأمر الذي جعل من المنطقة التي يسيطر عليها بيئة غير آمنة وطاردة لسكانها الكورد الأصليين. و كما أن المجلس الوطني الكردي مازال فاقداً لقراره السياسي ولا يمكن أن يقوم بأي دور لتغيير الواقع أو وقف نزيف الهجرة والتهجير، ومازال خطابه تقليدياً ومكرراً ومنسوخاً ليس فيه أي جديد بالرغم من كل ما حصل في الميدان. ورأى المجتمعون أن كورد سوريا أمام جملة تحديات عليهم التنبه لها والعمل على مواجهتها وأن وجودهم القومي أصبح مهدداً وبالتالي ضرورة البحث عن سبل جديدة لإعادة الاعتبار للشخصية الكوردية السورية وخصوصيتها، والعمل على تشكيل مرجعية كوردية سورية جامعة ومالكة لقرارها المستقل ومعبرة عن مصالح كورد سوريا بعيداً عن الصراعات بين الأطراف والمحاور الكوردستانية، والتوجه نحو البعد الوطني والبحث عن المشتركات مع ممثلي مكونات الشعب السوري المختلفة.
وتوقف المجتمعون على ضرورة إحياء مناسبات آذار الذي يعد شهراً كوردياً بامتياز، حيث تمتزج الأفراح بالأحزان: ففيه عيد نوروز القومي المجيد وكذلك يوم المرأة وذكرى انتفاضة 12 آذار 2004، وانتفاضة شعبنا في كوردستان العراق 1991 التي شكلت أرضية لإقامة الاقليم الفيدرالي الذي يشكل إنجازاً قومياً كبيراً وتجربة ديمقراطية فريدة في المنطقة ورحيل البارزاني الخالد وشهداء العلم في برج عبدالو – عفرين وكذلك استشهاد المحمدِين الثلاثة ليلة نوروز 2008 …إلخ . كما قيم المجتمعون إيجاباً نشاطات مسؤول الهيئة القيادية في اقليم كوردستان، وجهوده مع رفاق حركتنا في الاقليم وما قاموا بها من زيارات ولقاءات مع الأحزاب الكوردية والكوردستانية، وكذلك الندوات واللقاءات مع منتسبي الحركة وأنصارها .
وفي الجانب التنظيمي توقف المجتمعون على الأوضاع التنظيمية في مختلف المواقع، وتمت الموافقة على انضمام كوادر قيادية جديدة إلى صفوف الحركة، وعلى إضافة مكاتب جديدة إلى مسودة النظام الداخلي، والتأكيد على منح تنظيمات الحركة المزيد من الحرية لممارسة نشاطاتها تطبيقاً لمبدأ اللامركزية وطبقاً للضوابط التنظيمية الناظمة والمعتمدة والقائمة على أساس نظام الدوائر وبما يتناسب مع واقع وظروف كل موقع. كما أكد المجتمعون على ضرورة الالتزام بمضمون التعليمات التي تم تعميمها على كافة المجالس بخصوص الانضباط وعدم الإساءة لأحد، وعدم التهاون مع أي عضو – بغض النظر عن موقعه – في حال قيامه بأي إساءة سواءً بحق رفاقه في الحركة ومؤسساتها أو بحق منتسبي أحزاب الحركة الكوردية والكوردستانية أو الوطنية السورية ومعتقدات الشعب، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم طبقاً للنظام الداخلي.
في الـ 13 من آذار 2024
الهيئة القيادية لحركة البناء الديمقراطي الكوردستاني – سوريا