آراء و ومقالات

بين وعي الحرب والحرب على الوعي

علي مسلم
يتجه الخطاب العربي الشعبوي مرة ٱخرى نحو تمجيد الهزيمة، وبالتالي تكوين صورة نمطية على أنها نصر مؤزر ، وهي حالة طالما اعتدنا عليها بعد كل حرب او معركة خاسرة خاضها العرب ضد اسرائيل، فالحرب مثلها مثل اية صفقة تجارية تعقدها جهة مع جهة أخرى بعد دراسة كافة جوانبها، وبالتالي تحديد نسبة النجاح وإحتمالات الخسارة، وقد تخرج منها خاسرٱ، او تحقق بعض المكاسب العينية، وبالتالي تتمكن من تحديد إتجاه بوصلتك فيما بعد، والمضي قدما في عقد صفقات مماثلة او التريث لحين إنضاج الظروف وتبدل المعطيات، وما قادتني الى النبش في هذا الموضوع هو الخطاب المتعالي لقادة حماس وحزب الله في سياق تقييمهم لنتائج الحرب في غزة بعد انقضاء عام كامل على بدايتها، فنتائج هذه الحرب باتت واضحة للقاصي والداني، سيما انها انطوت على دمار كامل للبنية التحتية في مجمل أصقاع قطاع غزة بما في ذلك المؤسسات الخدمية والمستشفيات وشبكات الكهرباء والهاتف والمياه والصرف الصحي، وتسببت في مقتل أكثر من ٤٠ الف فلسطيني، وجرح أكثر من ١٠٠ الف جريح، وحوالي أكثر من ١٥ الف معتقل واسير، اضافة الى انزياح كامل للسكان المدنيين من أماكن سكناهم، وتحولهم الى لاجئين في ديارهم، في الوقت الذي استطاعت فيها اسرائيل أن توظف كل هذه النتائج لصالحها دوليٱ، وتحاول أن تطيل أمد الحرب ما أمكن دون الإكتراث للنداءات الدولية الرسمية وغير الرسمية، وهي فرصة ربما كانت تنتظرها إسرائيل منذ تولي اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة في كانون الاول ٢٠٢٢، سيما بعد الإستفزازات المتكررة التي كانت تتعرض لها من قبل الطرفين.
وبالعودة الى سلسلة الحروب التاريخية التي خاضها العرب ضد إسراىيل سنجد أنها كانت عبارة عن سلسلة من الانكسارت والهزائم، بدءا من حرب النكبة عام ١٩٤٨ التي بدأت على خلفية رفض الزعماء العرب لقرار التقسيم، والذي تم بموجبه تقسيم فلسطين مناصفة بين اليهود والعرب ( ٤٣٪ عربية، وحوالي ٥٧٪ يهودية) على أن تبقى القدس وبيت لحم تحت إدارة دولية، وكان من نتائجها خسارة العرب لاكثر من ثلثي حصتهم من أرض فلسطين، وتهجير حوالي ٤٠٠ الف فلسطيني ، ومرورأ بحرب النكسة، او حرب الايام الستة عام ١٩٦٧ والتي احتلت فيها أسرائيل قطاع غزة التي كانت تدار من قبل مصر، والضفة الغربية التي كانت تدار من قبل الأردن، وقسم لا باس به من سيناء المصرية وهضبة جولان السورية، ووفق أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد قتل في هذه الحرب ما بين 15 ألفا إلى 25 ألف عربي، وأصيب حوالي 45 ألفا، مقابل مقتل نحو 650 إلى 800 إسرائيلي، وإصابة ألفين. كما ترتب عليها تهجير نحو 300 ألف فلسطيني من الضفة والقطاع.
وبدل الخوض في نتاىج هذه الحرب اللعينة، كان من الاجدر الوقوف على دوافعها واسبابها، ومن هي الجهة المخولة لقطف ثمارها ضمن المدى المنظور، وهل كانت النتائج متوافقة مع تطلعات القاىمين عليها، اما جاءت حسابات السوق لديهم غير مطابقة لحساب الصندوق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي للكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للحركة.
علي مسلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى