الفرعون في ضيافة السلطان – التعاون بدل الصراع

علي مسلم
بعد عام من الآن يكون قد مضى 100 عام على تاريخ بدء العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، حيث أقامت تركيا علاقات دبلوماسية مع مصر في عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، ورفعت مهمتها في القاهرة إلى مستوى السفراء في عام 1948.
بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية الى أنقرة يوم الأربعاء 4 – 9 – 2024، وهي الزيارة الأولى له بعد توليه زمام السلطة عام 2014 ليلتقي بالقيادة التركية، وذلك بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2020 عقب قطيعة استمرت أكثر من عقد.
ومن الواضح أن هذه الزيارة تكتسب أهمية استثنائية وذلك في ظل تشابك وتداخل العديد من الملفات السياسية والاقتصادية العالقة بين الطرفين اضافة الى العديد من الملفات المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط والمغرب العربي والقرن الأفريقي، سيما ملف الحرب في غزة وتداعياتها بما في ذلك مستقبل الوجود الإيراني في الشرق الأوسط والمشرق العربي.
وعلى الرغم من التعافي في العلاقات بينهما، إلا أن هناك العديد من القضايا الخلافية ما زالت تؤرق كاهل الجانبين، وخاصة ما يتعلق بالحرب الأهلية في ليبيا، وكذلك ملف غاز المتوسط، سيما بعد قيام مصر بتأسيس منتدى غاز المتوسط عام 2019 بالتعاون مع كل من قبرص واسرائيل واليونان، وهو ما اعتبرته تركيا استفزازاً مباشراً لها وإجهاضاً لمساعيها الداعية للاستفادة من الغاز في شرق المتوسط مع إمكانية انضمامها إلى هذا المنتدى، والذي يهدف الى تعزيز التعاون بين دول المنطقة في مجال الطاقة، إلى جانب مسألة ترسيم الحدود البحرية في ظل التداخل الإقليمي ومحاولة استبعاد تركيا عن ذلك.
فبخصوص الوضع في ليبيا فقد أكد الجانبان الى أنهما توصلا إلى اتفاق بشأن استمرار التعاون من أجل إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، لكن من غير المعروف بعد ما إذا كانت تركيا ستواصل وجودها العسكري في ليبيا، وكيف سيكون مصير اتفاقية الاختصاص البحري التي وقعتها تركيا مع ليبيا في عام 2019.
وتشير الوقائع إلى أن هناك العديد من الملفات الإقليمية والتي تم تداولها بعيداً عن الإعلام، مثل دعم مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق بدعم روسي ومساع مصرية، وتذليل العقبات التي ما زالت تعترض سبيل هذه المساعي، حيث أن مصر تعتبر من الدول التي أيدت عودة العلاقات السورية – العربية إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، وكذلك عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، الى جانب ان لمصر تجارب سابقة في هذا الشأن حيث تدخل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في وساطة مباشرة بين أنقرة ودمشق عام 1998 حين توترت العلاقات بين سوريا وتركيا بسبب وجود بعض قيادات حزب العمال الكردستاني في دمشق، يبقى أن نشير إلى انه مهما ساءت الظروف بين الدول لكن الأمور سرعان تعود فيما بينهم الى طبيعتها وفق ألية براغماتية، ولا يمكن للمبادئ أن تحول دون ذلك، فالعلاقات الدولية تخضع للمصالح أكثر من خضوعها للمبادئ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي للكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للحركة.
علي مسلم