آراء و ومقالات

هل يستحق “عيد الأم” تعطيل الدوائر الرسمية؟

قراءة في قرار “الإدارة الذاتية”.

》》عبدالله إمام

أصدرت رئاسة المجلس التنفيذي لـ”الإدارة الذاتية” تعميماً يقضي بتعطيل كافة الدوائر والمؤسسات الرسمية التابعة لها يوم ١٣ أيار، وذلك بمناسبة “عيد الأم”. ورغم الطابع العاطفي والنبيل للمناسبة، فإن هذا القرار يثير تساؤلات مشروعة، خاصة في سياق المقارنة مع ما هو معمول به في معظم دول العالم.

وبهذه المناسبة، أودّ أن أطرح ملاحظتين أساسيتين:

أولاً: عيد الأم ومناسبات مشابهة لا تُعد عادةً عطلاً رسمية

من المعروف أن الأعياد ذات الطابع الاجتماعي – كعيد الأم، وعيد الأب، وعيد المعلم ..الخ – تُعامل في أغلب دول العالم كمناسبات رمزية واحتفالية، دون أن يترتب عليها تعطيل للدوام الرسمي. فمثلاً: في ألمانيا، يُحتفل بعيد الأم في الأحد الثاني من شهر أيار، وهو يوم عطلة أسبوعية بالأساس. وفي الولايات المتحدة، يُحتفل به أيضاً في الأحد الثاني من أيار، وتُقام فيه فعاليات تكريمية واجتماعية دون أن تُعطّل المؤسسات. وفي اليابان وكوريا الجنوبية، يُحتفى بالمناسبة بأسلوب عائلي، دون أي طابع رسمي أو إداري. وعلى هذا فإن تعطيل المؤسسات في مثل هذه المناسبات يعدّ سابقة غير معتادة، ويعطي انطباعاً بعدم التمييز بين المناسبات الرسمية والوطنية، وتلك الاجتماعية والرمزية.

ثانياً: اختيار ١٣ أيار لتحديد عيد الأم في التعميم يفتقر إلى الوضوح التاريخي

ربما استندت “الإدارة الذاتية” في قرارها إلى إصدار طابع بريدي خاص بعيد الأم (*)، صادف يوم ١٣ أيار ١٩٥٥. ولكن ثمة التباس في اعتماد هذا اليوم، حيث أن تاريخ ١٣ أيار ١٩٥٥ صادف يوم الجمعة الثاني من أيار، وليس يوماً ثابتاً بذاته. وفي أوروبا – ومنها ألمانيا – يحتفل الناس بعيد الأم في الأحد الثاني من أيار، وهو ما يجعل من تاريخ ١٣ أيار عام ١٩٥٥ مصادفة تقويمية لا دلالة ثابتة لها.

في سوريا، وبعد إصدار الطابع المذكور، قررت جامعة الدول العربية لاحقاً اعتماد ٢١ آذار عيداً للأم في جميع الدول العربية، وهو التاريخ الذي التزمت به سوريا حتى اليوم. إلا أن التبني الرسمي لعيد الأم كيوم عطلة في سوريا لم يتم إلا في عام ١٩٨٧، بناءً على قرار من حافظ الأسد، وجاء هذا القرار كردّ غير مباشر على احتجاجات “عيد “نوروز” في دمشق عام ١٩٨٦. بمعنى أن العطلة لم تكن احتفاءً بالأمهات بقدر ما كانت محاولة لامتصاص التوتر الشعبي في ذلك الوقت.

ختاماً:

يبدو أن قرار “الإدارة الذاتية” بتعطيل المؤسسات في ١٣ أيار يفتقر إلى مرجعية واضحة، سواء من ناحية السياق التاريخي، أو من جهة المقارنة مع الممارسات المعمول بها عالمياً. وبينما لا أحد ينكر قيمة الأم ومكانتها، إلا أن تحميل المناسبة أكثر مما تحتمل – بتعطيل رسمي شامل – قد يفتح باباً لتسييس رموز اجتماعية يُفترض أن تبقى موحدة وعابرة للانقسامات.

وختاماً، في هذه المناسبة السامية لا يفوتنا أن نردد :

كل عام وأمهاتنا بألف خير.


(*) المرسوم رقم ١٢٨٢ الصادر عن إدارة البريد والبرق والهاتف في الجمهورية السورية في ٤ أيار ١٩٥٥، والذي قضى بطبع ٥٠ ألف مجموعة تذكارية من الطوابع الخاصة بـ”يوم الأم”، بالإضافة إلى ١٥٠٠ مجموعة بدون تخريم مخصصة للإهداء.
☆☆☆

الآراء الواردة في هذا المقال هي للكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للحركة.
عبدالله إمام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى