في انتظار الحرب – إيران ترفع راية الثأر بالدم؟

علي مسلم
يوماً بعد اخر تتداعى الخطوط الرادعة لتفادي نشوب حرب واسعة بين إسرائيل ونظام الملالي في إيران، بالرغم من التأكيدات الامريكية المتكررة على عدم السماح بحصول ذلك، هذه التأكيدات التي ما زالت تدغدغ المشاعر الايرانية وتواكب ضمنياً تطلعاتها في عدم رغبتها على شن حرب واسعة مع إسرائيل في هذا التوقيت بسبب خلخلة امكاناتها بالمقارنة مع ما تمتلكها إسرائيل من إمكانات لوجستية غير محدودة، مقابل ذلك تسعى إسرائيل للذهاب الى الحرب بأي ثمن بحجة لجم التطلعات الإيرانية في محاولة السيطرة الجيوسياسية على منطقة الشرق الاوسط، والقضاء على اذرعها التي تحاول محاصرة إسرائيل ضمن نطاقها الجغرافي الضيق.
وقد علقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في تقرير لها بعنوان “سيناريو الحرب الكبرى مع إيران”، في الأول من اب الجاري ” بأن إسرائيل مستعدة تماما لحرب شاملة مع طهران وحلفائها إذا استدعى الأمر وأنها على يقين بأن عمليات الاغتيال هي الورقة قبل الأخيرة لحرب إقليمية شاملة مع إيران”.
فإيران كما هو معروف ليس لديها حلفاء دوليين لمساندتها في هذه الحرب، لكنها تعتمد على اذرع ميليشاوية محلية، وهي استراتيجية تتبعها إيران منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي تماشياً مع شعار تصدير الثورة، والتي تترجم التطلعات الإيرانية في السيطرة على جوارها العربي، وفي حال نشبت الحرب فستكون النتائج كارثية عليها وعليهم، لهذا من غير المتوقع أن تسعى ايران في الذهاب الى حرب شاملة وفق هذه المعطيات، لكنها في الوقت ذاته مضطرة للرد على عمليات اغتيال قادة الميليشيات الموالية لها سيما وان عملية اغتيال المسؤول الأول في حركة حماس ” إسماعيل هنية ” تم تنفيذها بجوار منزل الرئيس الايراني في قلب العاصمة طهران، وهذا ما زاد من وتيرة الارتباك لديها، الى جانب زيادة حدة السخط الداخلي، والذي قد يتحول الى حالة تمرد أو عصيان مدني قد يصعب السيطرة عليها.
من جانبها تحاول إدارة بايدن التقليل من شأن عمليات استهداف اسرائيل لقادة الميليشيات الموالية لإيران واعتبارها عمليات مشروعة تقوم بها إسرائيل في سياق الدفاع عن النفس، طالما ان ذلك لا يتناقض مع ضبط قواعد الاشتباك في حدودها الحالية، ويمنع على إسرائيل في الذهاب الى هجوم بري شامل.
اما شعار الصبر الاستراتيجي التي تتذرع بها إيران حتى الان لم تعد كافية في ضبط إيقاع اذرعها المنتشرة على طول وعرض حدود دولة إسرائيل، ومن الممكن في اية لحظة ان تخرج الأمور عن سيطرة الحرس الثوري في ايران ومرشدها علي خامنئي والذي امر بتوجيه ضربة مباشرة الى إسرائيل دون تحديد الجهة التي ستقوم بتنفيذها ( حسب نيويورك تايمز) لهذ لجات إسرائيل الى اتخاذ تدابير الحرب الواسعة، والرد على اي هجوم محتمل، وفي هذا السياق ذكر موقع اكسيوس نقلاً عن مسؤولين أمريكيين “وصول الجنرال الأمريكي “مايكل كوريلا” المسؤول عن القوات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط إلى المنطقة في وقت مبكر من صباح الأحد الماضي وسط استعدادات لرد انتقامي من قبل إيران وحزب الله ضد إسرائيل على خلفية مقتل كبار مسؤولي حماس وحزب الله”.
وأضاف الموقع من المتوقع ان يقوم الجنرال الأمريكي بزيارة الى بعض الدول في الخليج العربي والأردن وإسرائيل وذلك للدفع باتجاه تنشيط الجانب الدبلوماسي قبل وصول الوضع الى المواجهة، لهذا قام وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي بزيارة مفاجئة الى طهران يوم الرابع من اب الجاري للقيام بأخر محاولة لتهدئة الأوضاع المتأزمة، فيما سيحاول الجنرال الأمريكي في التحضير لمواجهة دولية على غرار ما حدث في يوم 13 ابريل من هذا العام.
على العموم لا تمتلك ايران المزيد من الخيارات، فإما ان تذهب الى حرب خاسرة، أو توقف دعمها لميليشياتها المنفلتة في لبنان وغزة والعراق وسوريا واليمن، بما في ذلك اجبار حماس على قبول الهزيمة والمبادرة فوراً الى تسليم المختطفين الإسرائيليين لديها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي للكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للحركة.
علي مسلم