آراء و ومقالات

إخفاق دبلوماسي، ام نفاق دولي حرب لبنان إنموذجٱ


علي مسلم
تستحوذ الحرب الدائرة بين اسراىيل وفصائل ميلشياوية موالية لإيران منذ عام ونيف، على أعلى درجات الاهتمام لدى أغلب الأوساط السياسية الإقليمية منها والدولية، ويعود سبب ذلك إلى إعتقاد الجميع بأن مجريات هذه الحرب ونتائجها قد تضع حدٱ للصراع الجيو سياسي المحتدم على الجزء العربي من منطقة الشرق الأوسط منذ عقود، وذلك في ظل غياب أي دور استراتيجي عربي في التأثير على مسار الأحداث ماضيٱ وحاضرٱ وربما مستقبلٱ، فهذه الحرب لا يمكن أعتبارها حربٱ بين العرب وإسرائيل، بالرغم من أنها تجري على الأراضي العربية، وبأيادي ودماء عربية، فهي قد بدأت كما تشير الوقائع دون أن تمر بمطابخ الشرعية العربية التي من حقها فقط أن تقرر زمن الحرب ووجهتها وأهدافها، إلى جانب أن القائمين عليها قد تحايلوا على القرارات الدولية ذات الصلة، هذه القرارات التي حاولت وضع نهاية لهذه الحروب والصراعات التي لم تتوقف منذ أن صعد نجم حزب الله على الساحة اللبنانية، بدءٱ بالقراران رقم ٤٢٥ و ٤٢٦ عام ١٩٧٨، ومرورٱ بالقرار ١٥٥٩ عام ٢٠٠٤، وانتهاء بالقرار ١٧٠١ عام ٢٠٠٦، فمجمل هذه القرارات بالإضافة الى قرارات أممية مماثلة كانت تهدف الى نزع أسلحة الميليشيات، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وبالتالي بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الجغرافية اللبنانية، لكن تملق المجتمع الدولي، وعدم جديته في فرض هذه القرارات جعلت الساحة مفتوحة أمام الطاغوت الإيراني الذي حاول هضم شرعية الدول العربية واحدة تلو الأخرى، وذلك عبر أذرع ميليشاوية محلية قامت بصناعتها وتدريبها وتمويلها، وبالتالي محاولة السطو على مقدرات الدول العربية تحت يافطة تحرير المقدس العربي، وإزالة إسرائيل من الوجود، دون أن تتقدم حتى الآن ولو بخطوة عملية واحدة بإتجاه محاربة إسرائيل على الأرض، الأمر الذي أدى إلى أن تكون الساحة اللبنانية والفلسطينية بشعوبها ومقدراتها مسرحٱ للحروب والويلات، وبقي الشعب الإيراني بمنأى عن تبعات هذه الحروب، وقد جرت حروب محدودة خلال هذه الفترة كان أخرها الحرب المحدودة عام ٢٠٠٦، والتي دامت حوالي خمسة اسابيع على خلفية هجمات قام بها حزب الله على موقع عسكري إسرائيلي نتج عنها مقتل عدد من الجنود الأسرائليين تلاها أختطاف جندئين اسرائيليين، مما دفع بالجانب الإسرائيلي في شن عملية برية واسعة النطاق على لبنان، وتمخض عنها القرار رقم ١٧٠١ الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي بالإجماع في تموز ٢٠٠٦.
واليوم ومنذ أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، تدور رحى حرب شرسة شنتها اسرائيل ضد حركة حماس، واجهزت على البنية التحتية لقطاع غزة كاملة، متذرعة بأن ذلك كله يأتي في سياق رد الفعل على ما جرى في السابع من اكتوبر الماضي، وتحولت فيما بعد الى حرب شاملة ضد حزب الله في لبنان بسبب وقوف الأخير إلى جانب حركة حماس عبر مفهوم الإسناد اللوجستي، فيما تشير بوصلة الأحداث إلى أن مجريات هذه الحرب ومعطياتها وتبعاتها تأتي في خدمة المشروع الإيراني، وأن إيران ماضية في دعمها لهذا المسار وذلك أمام مسمع ومرأى الجهات الدولية المعنية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، فهل يمكن أعتبار ذلك فشلٱ للفلسفة الدبلوماسية المعتمدة من قبل ه‍يئات الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، أم أن ذلك تعبير واضح على تملق ونفاق المجتمع الدولي، ليعيد إلى الأذهان نفس المشهد الذي حصل بعيد الإعلان عن ميثاق عصبة الامم عام ١٩١٩ والتي سميت بعصبة المنتصرين. وكانت من أهدافها الرئيسية منع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي للكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري للحركة.
علي مسلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى