أخبار الحركةبيانات و توضيحات

قراءة في المشهد السياسي

حركة البناء الديمقراطي الكُردستاني – سوريا

قراءة في المشهد السياسي

بعد مرور أكثر من عام على الحرب الدائرة بين إسرائيل وبعض الأذرع المحلية التابعة لإيران في كل من قطاع غزة ولبنان، نجحت الولايات المتحدة الامريكية في ضبط إيقاع هذه الحرب والحؤول دون تحوّلها إلى حرب إقليمية شاملة، نظرا لانشغالها بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في الخامس من الشهر الجاري.

وبالرغم من التبعات الكارثية لهذه الحروب وويلاتها، وتأثيرها المباشر على مستقبل وحياة السكان المدنيين، من جهة الإجهاز الكامل على البنى التحتية، والقتل اللامحدود، وتهجير عشرات الآلاف من المدنيين من مواطن سكناهم، فإن طرفي النزاع لا يزالان مصرين على استمرارها، وتشير الوقائع إلى أن الاستراتيجية التي تتبعها إسرائيل في سياق استدامة الحرب قد تستمر لسنوات عديدة أخرى، وربما تستهدف سوريا بعد غزة ولبنان في محاولة منها لإضعاف المركزية السياسية والأمنية بداخلها، وتفكيكها سياسياً ودستورياً، وقد تطال إيران نفسها عبر توجيه ضربات عسكرية موجعة إلى بنيتها التحتية، بغية إضعافها اقتصادياً، وبالتالي إجبارها على الامتثال للإرادة الدولية. ومن جهتها تحاول إيران التحكم بمسار الحرب في لبنان عبر دفع المئات من ضباطها وخبرائها إلى جبهات القتال في جنوب لبنان سعياً منها لملء الفراغ الحاصل في صفوف قيادات حزب الله بعد تحييدهم من قبل إسرائيل، وسط غياب كامل للسلطة اللبنانية عن المشهد السياسي اللبناني، مما يساهم في إعاقة المسار الدبلوماسي الإقليمي والدولي وعرقلة المساعي للوصول إلى وقف الحرب في لبنان، وتطبيق القرار الأممي رقم ١٧٠١ الذي صدر عام ٢٠١٦، والقاضي ببسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل التراب اللبناني، وحصر ملكية السلاح بيد الدولة، لهذا لا يمكن التكهن حتى الآن بتوقيت انتهاء هذه الحروب ونتائجها، بالرغم من الجهود الدولية والإقليمية الحثيثة والتي تسعى جاهدة للوصول إلى هدن ولو بمدد مؤقتة.

ووسط الاضطرابات التي تشهدها المنطقة جراء استمرارية الحرب بين إسرائيل من جهة وبعض أذرع إيران من جهة أخرى، وفي خطوة استباقية ملفتة تحاول تركيا قطع الطريق على ما قد تفرضه نتائج تلك الحرب من تداعيات وانعكاساتها على الداخل التركي، صدرت تصريحات من جانب أكثر من مسؤول تركي رفيع من بينهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وحليفه المتشدد دولت باخچلي بفتح صفحة جديدة في الحياة السياسية من خلال طيّ مرحلة العنف والسلاح والاحتكام للحوار السياسي، وتضمنت تلك التصريحات – بغض النظر عن جدية تلك التصريحات من عدمها – إشارات إيجابية لجهة الإقرار بأن الجمهورية التركية للتُرك والكُرد وبقية المكونات التي تعيش في تركيا. وبالمقابل كان هناك انقسام واضح في مراكز القرار التابعة لحزب العمال الكوردستاني حيث كان هناك تعاطٍ إيجابي مع تصريحات القادة الأتراك من طرف زعيم الحزب المسجون في إمرالي عبد الله أوجلان وكذلك من طرف صلاح الدين دمرتاش المسجون في أدرنة، بينما كان موقف قيادة قنديل مختلفاً. وبدون شك يجب التعاطي مع تلك التصريحات بجدية، وإعطاء الحوار فرصة حقيقية، بالرغم من أن تلك التصريحات تتزامن مع ما يجري في المنطقة من حروب وفي إطار الأحداث الساخنة وتداعياتها، والقراءة التركية لاحتمال تأثير التحولات الإقليمية التي قد تنتجها الحرب على الاستقرار الداخلي في تركيا. ومهما يكن من أمر فإن هذه المساعي قد تفتح آفاقاً جديدة في سياق إيجاد حل؟ سلمي للقضية الكُردية في تركيا، على اعتبار أن نهاية كل خلاف مهما طال تكون عبر طاولة الحوار.

إننا نرى أن الحركة التحررية الكُردية في تركيا مطالبة بصياغة رؤية سياسية واضحة وموحدة حيال ما يجري، ونرى أن العملية المدانة التي استهدفت مركز الصناعات الفضائية في أنقرة في الثالث والعشرين من شهر تشرين أول المنصرم والتي أودت بحياة خمسة أشخاص وإصابة أكثر من عشرين مدنياً، وكذلك الضربات الجوية التركية المدانة التي استهدفت المراكز الخدمية وراح ضحيتها المدنيون كانت بمجملها بمثابة محاولات من جانب أوساط من الطرفين الغرض منها إفشال أية محاولة نحو البدء بمسار الحوار السلمي.

أما بخصوص نجاح العملية الانتخابية للدورة السادسة لبرلمان كُردستان، والتي جرت مؤخراً في جو ديمقراطي آمن، وبوجود مراقبين دوليين، وفي الوقت الذي نتقدم بالتهاني الأخوية لشعب كُردستان عامة والفائزين في هذه الانتخابات خاصة، فإننا نرى بأن الأجهزة الأمنية ومختلف المؤسسات الحكومية في الاقليم نجحت في تأمين مستلزمات نجاح تلك العملية، وأن نتائجها ستساهم في ترسيخ التجربة الديمقراطية الواعدة في الاقليم، وستساهم في تعزيز دور الاقليم كلاعب مهم في ما يتعلق بمستقبل العراق والمنطقة، وضرورة تشكيل حكومة قوية – تشاركية بين القوى الأساسية الفائزة والفاعلة الضامنة لتطوير تلك التجربة الديمقراطية والحفاظ عليها وقيادة المشهد السياسي في كُردستان والعراق نحو آفاق جديدة من التقدم والازدهار.

في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

المكتب التنفيذي لحركة البناء الديمقراطي الكُردستاني – سوريا

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى