أخبار الحركةبيانات و توضيحات

تصريح حول تصريحات الشرع الأخيرة

حركة البناء الديمقراطي الكُردستاني – سوريا

تصريح حول تصريحات الشرع الأخيرة

في مقابلة خاصة مع شبكة «العربية» قبل يومين تطرق قائد العملية الانتقالية في سوريا أحمد الشرع إلى عدة نقاط، منها: أهمية إسقاط النظام، وممكنات الحل السياسي والانتقال السلمي للسلطة ومسائل الدستور والانتخابات، والشأن الكُردي والوضع الإنساني، بالإضافة إلى العلاقات مع الدول المختلفة.

وفيما يتعلق بالشأن الكُردي حصر السيد الشرع القضية الكُردية بقوات سوريا الديمقراطية ومصير سلاحها وإمكانية دمجها في الجيش السوري، مكتفياً بالإشارة إلى أن الكٌرد «جزء لا يتجزأ من المكونات السورية»، ومشددا على رفض تقسيم سوريا بأي شكل. وهنا يجدر بنا أن نؤكد على أن هاجس تقسيم سوريا كلما يتم تناول الشأن الكُردي ليس في محله ولا أساس له، فالحركة الوطنية الكُردية بكافة تعبيراتها منذ تأسيسها وحتى اليوم لم تطرح أو تسعَ إلى حلول تقسيمية أو مطالب انفصالية، بل هي تطالب وتناضل من أجل الحل الوطني للقضية الكُردية داخل حدود الدولة السورية، أما تلك الهواجس التي تكررت منذ سنين طويلة سواء من قبل بعض الأطياف المعارضة أو من قبل النظام الذي كان يزجّ بالمناضلين الكُرد في المعتقلات بالتهمة الباطلة المشهورة: «العمل على اقتطاع جزء من الأرض السورية وإلحاقها بدولة أجنبية»، فهي هواجس باطلة على الإطلاق.

كما نؤكد على أن القضية الكردية في سوريا عمرها من عمر الدولة السورية وليست مرتبطة بفصيل عسكري أو سياسي، لذا لا يكفى إيجاد حلّ للوضع العسكري ودمج الفصائل المسلحة في جيش وطني – على أهميته – لحل هذه القضية، بل ينبغي التأسيس لحوار وطني جادّ ومسؤول مع تعبيراتها السياسية والوصول إلى حلّ عادل لها في إطار دولة اتحادية ذات نظام ديمقراطي يضمن المواطنة المتساوية للجميع ويحفظ كرامة الإنسان ويصون حقوقه.

أما فيما يتعلق بمواضيع الدستور والانتخابات وممكنات الحلّ السياسي والمرحلة الانتقالية فقد صرح السيد الشرع بأن إعداد وكتابة دستور جديد في البلاد قد يستغرق نحو ثلاث سنوات، وأن تنظيم انتخابات قد يتطلب أيضًا أربع سنوات، مشيراً في هذا المجال إلى الحاجة إلى القيام بإحصاء سكاني شامل، ومشدداً على أن «مؤتمر الحوار الوطني» سيكون جامعا لكل مكونات المجتمع، دون تبيان حيثياته وملامحه وشكل وطبيعة المشاركة فيه.

إن مؤتمراً وطنياً سورياً أو مؤتمراً للحوار الوطني في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ سوريا ليس مجرّد محطة للاحتفال بسقوط النظام ومبايعة السلطة الجديدة والتصديق على قراراتها، كما أنه لن ينجح دون التمهيد والإعداد الجيد له من قبل لجان تحضيرية يشارك فيها ممثلون عن كافة فئات ومكونات الشعب السوري، فالمؤتمر المنشود سيضع التوجهات الأساسية لإعادة بناء الدولة كالتأكيد على شكل الدولة ونظام الحكم واعتماد مبادئ فوق دستورية وإطلاق مشروع وضع الدستور وضع جدول زمني للانتخابات وتحديد طبيعة ودور المؤسسات الوطنية المختلفة، فالمؤتمر ليست غاية، بل وسيلة في سياق بناء الدولة، لذا فإن الاستعجال في عقده وإعتباطية المعايير المعتمدة له لا يخدم تطلعات الشعب السوري، لذا نرى ضرورة التأني في عقد هذا المؤتمر وأن المرحلة الانتقالية القادمة هي الأنسب لعقده.

أما بالنسبة للطريق الموصل إلى الدولة المنشودة فإننا نرى أنها تتألف من ثلاث حلقات أساسية متكاملة ومتداخلة في بعض مفاصلها، ويأتي في مقدمتها مرحلة التحضير، التي تديرها حكومة تسيير الأعمال المؤقتة الحالية والتي تنتهي في الأول من شهر آذار القادم، وتركز هذه المرحلة على إنجاز مهام عاجلة كضبط الأمن، وضمان عمل استمرار المؤسسات العامة، وتقديم الخدمات، والحفاظ على الوثائق والأدلة المتعلقة بجرائم النظام الساقط، ومنع إفلات المشتبه بهم من العقاب، والحفاظ على الملكيات الخاصة والعامة، وحماية السجلات والوثائق المثبتة لذلك، والإعداد لإعلان دستوري مؤقت كإطار قانوني ينظم المرحلة الانتقالية، ووضع أسس ومعايير مؤتمر الحوار الوطني.

وتأتي المرحلة الانتقالية كحلقة ثانية ضمن مسار بناء الدولة وهي تحتاج من وجهة نظرنا إلى سنة ونصف تقريباً لإنجازها، بحيث تبدأ من الثاني من شهر آذار 2025 وتنتهي في الأول من شهر أيلول 2026، وينبغي في هذه المرحلة توفير الأمن وسحب السلاح من الفصائل والميليشيات وحصره بيد سلطة الدولة، وحلّ جميع الفصائل العسكرية والميليشيات المسلحة، وإخراج جميع المقاتلين غير السوريين من البلاد، وبناء المؤسستين العسكرية والأمنية، وإعادة تشغيل العجلة الاقتصادية، وتوفير الشروط اللازمة لعودة اللاجئين السوريين في دول الجوار، وتسهيل عملية عودة النازحين السوريين إلى أماكن سكناهم الأساسية، وعقد مؤتمر الحوار الوطني وتوفير الشروط اللازمة لنجاحه، والإعداد لانتخاب مجلس تأسيسي لوضع دستور جديد بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والتحضير للانتخابات القادمة. وكل تلك المهام لن تُنجز دون إطار قانوني على شكل إعلان دستوري مؤقت.

وتكتمل حلقات المسار نحو بناء الدولة بإنجاز مهام المرحلة الانتقالية والتحول إلى المرحلة الدائمة بعد انتخاب وتشكيل جميع الهيئات والسلطات التشريعية والتنفيذية في البلاد، بحسب الدستور الدائم .

إن المسار المذكور ينبغي أن يؤدي إلى دولة اتحادية ذات نظام ديمقراطي يضمن المواطنة المتساوية للجميع ويحفظ كرامة الإنسان ويصون حقوقه، كما يضمن حلاً عادلاً للقضية الكُردية، ولذلك يحتاج السوريون بمختلف مكوناتهم إلى صياغة مشروع وطني سوري تغييري جامع وشامل بعيداً عن التوجهات الشوفينية والتطرف، مرتكزين على قواعد أساسية باتجاه فهم الوقائع والمعطيات المتعلقة بمستقبل الدولة السورية وشكلها وطبيعة نظام الحكم فيها، ودور القوى الوطنية والديمقراطية وتفهمها الجادّ للواقع السوري المتنوع.

في 31 كانون الأول 2024

المكتب التنفيذي لحركة البناء الديمقراطي الكُردستاني – سوريا

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى